رواية رسالة من الماضي كاملة الفصول
انت في الصفحة 1 من 14 صفحات
كانت داليا تحس اليوم بسعادة تغمر نفسها فلقد بلغت اليوم الخامسة عشرة من عمرها وأصبحت لها أكثر حرية في إختيار حياتها أهدتها إدارة الملجأ تورتة كبيرة وستجتمع مع صديقاتها في المساء للمرح لم تعرف خلال سنوات عمرها سوى هذا الملجأ المخصص للأيتام التي دخلته وهي رضيعة .
عندما كبرت قليلا جاء عم جابر عون الصيانة وثبت في غرفتها مرآة صغيرة مذهبة وقال لها إنها لأمهاولقد جاءت منذ شهر وقدمت تبرعات للملجأ وأوصت لك بهذه المرآة وعندما طلبت منها المديرة إن كانت تريد رؤيتك قالت ليس مهما فلن نفترق بعد اليوم إعتقدت المديرة أنها ربما تكون مريضةفلقد كان جسدها النحيل ترتجف وقبل أن تخرج إلتفتت إليها وقالت إن سألتكم البنت عني قولوا لها إني أحبها كثيرا
حاولت كثير من العائلات تبني داليا لكنهم دائما يرجعونها ويقولون أنها غير طبيعية وتحكي لهم إنها تقدر أن ترى الأموات في المرايا وتكلمهم .وقالت أحد السيدات التي تبنتها للمديرة أن ما حدث معها غريب جدا فلقد ټوفيت أمي قبل مجيئ داليا بأسبوع وذلك السبب الذي جعلني أبحث عن فتاة صغيرة تعيش معي أنا وزوجي لقد كان الفراغ قاټلا وكنت أتذكر أمي كل يوم . أمضت داليا معنا يومين وفي اليوم الثالث إقتربت مني وقالت لي شيئا جعل الدم يجمد في عروقي ذكرت أنها رأت العمة صفية في مرآة البهو وهي تطلب منك إطعام العصافير. المدهش أن صفية هي أمي المټوفية وكل يوم كانت تطلب مني إطعام عصافيرها حتى في ليلة مۏتها ولقد أهديت قفص العصافير لأحد الجيران لأن رؤيتها تثير شجونيوتجعلني أبكي وهذه الأشياء لا يعلمها سوى أنا و زوجي وفكرة أن أحدا يكلم الأرواح هي مخيفة جدا .
كانت داليا تتقاسم غرفتها مع أربعة فتيات وكانت لها صديقة أكبر منها إسمها سميرة وكانت تسمع حكاياتها وتتعجب منها وتجد أنها مسلية جدا وذات يوم جاءت إليها داليا وقالت لها أتذكرين تلك المرأة التي تظهر دائما في المرآة كنت أحس طوال تلك السنوات أنها أمي لقد كانت تشبهني كثيرا وتبتسم عندما تراني وذلك يشعرني بالحنان ..قالت سامية وبعد ...أعرف كل ذلك أجابت داليا هذه المرة لقد كلمتني ما روته لي أمر لا يصدق ..
وقلوبهم تتحير على أطفالهم في الحياة والممات لا يوجد من يرمي فلذة كبده في ملجأ بطيبة خاطر وأنا أصدقك وكل البنات يصدقنك عندما تقولين أن أمك تأتي لزيارتك من عالم الأموات. لماذا يعتبرون أن المۏت نهاية إنهم معنا وأنا لم أر أمي لكنى أحلم بها وأرى وجهها وأحس أنفاسها واتذوق طعامها سالت دمعتان كبيرتان على وجهها ثم قالت هيا فقد إستبد بي الشوق لما ستقولينه !!
تمددت داليا على فراشها ثم نظرت إلى السقف وقالت أمي كغيرها من المراهقات كانت تقابل أحدهم وكانت تحبه وتثق فيه وكان يعدها بالزواج صدقته أمي ليس هناك ما يمنعها من ذلك فهو من الأكابر المحترمينلكن بعد أن تحرك الجنين في بطنها جائها يوما وقال ان عائلته لا توافق على الزواج من قروية حتى ولو كانت متعلمة قالت له إعمل معروفا لا تتركني وحدي مع هذا الجنين ما هو مصيره و ما هو مصيري عائلتى محافظة وسيخربون البيت على رأسي لو سمعوا بهذه الحكاية ..
سكتت داليا وكأنها تستجمع ذكرياتها ثم قالت طلب منها اللعېن إمهاله بضعة أيام وسيتصرف بعد فترة إتصل بها وقال لها شرحنا الموقف لشيخ من معارفنا مشكلته الوحيدة في النسوان وهو متزوج من إثنين لكن لم يعدن يعجبنه وهو يقبل بالزواج منها لكن بشرط فهو لا يريد الطفل ولا يحتمل أن يعصي أحد أوامره والخروج والدخول باذنه أمضت ليلتها في البكاء لم يكن أمامها إلا الموافقة. كان عمرها تسعة عشر عاما و الشيخ ستون عاما وهو يصلح أن يكون جدها ...وقالت في نفسها لأني كنت حمقاء أستحق ما يقع لي لكن لن أرتاح إلا بعد أن يدفع إبن الأكابر وعائلته الثمن سواء كنت حية أو في القپر ...
واصلت أمي حكايتها وقالت لي تزوجت من الشيخ متولي بعد مدة تغيرت نظرتي له كان يحبني ويحسن معاملتي مما تسبب بغيرة زوجتيه نبوية و ناهد وإضمارهما السوء لي . وذات يوم أمسكتا بشعري وأشبعتاني ضړبا ورفسا جاء الشيخ ووجدني في حالة يرثى فأرسلهما إلى شقته في المنصورة وبقيت وحدي فاسترحت وازددت جمالا وعذوبة .كان الشيخ ثريا ويربح الكثير من تربية الخيول لكن لا أحد يعرف أن يخفي ثروته من المؤكد أنها ليست في البنك لم يبق إلا البيت لكن أين
هذا السؤال الذي طرحه الجميع كان دائما يقول سأعطيها للذي يعتني بي أكثر من غيره كانت زوجتيه وأولادهما يخشون أن تؤول لها وحرصوا أن يجدوا الكنز قبل أن ېموت الشيخ .وكان متولي يلاحظ أن زوجتيه كانتا تتظاهران بتنظيف المنزل الكبير عندما يأتي بهما لكنه فهم أنهما تبحثان عن شيئ كانتا تدقان على الحيطان وعلى الأرضية الخشبية ويفحصان الأثاث بحثا عن درج سري ..
توقفت داليا عن الحديث وبدأت في التثائب نظرت لسامية وقالت لها لم تكمل أمي حديثها فلقد إختفت فجأة وظهرت مكانها وجوه أخرى مضطربة بعضها واضح والآخر غامض من الأكيد أنها لأرواح معذبة والغريب أن هناك الكثير من الأطفال قالت أحد البنات التي كانت تستمع إلى حكايتها المدهشة سمعت مرة العم جابر يقول أن هذا الملجأ في الأصل كان مستشفى للأمراض العقلية وكان الأطباء يسيئون معاملة المرضى ويختبرون عليهم عقاقيرهم وماټ كثير من الناس وبقوا يهيمون على أنفسهم في الأروقة الطويلة. وقال لي إياك أن تخرجي وحدك بعد منتصف الليل فهو الوقت الذي يستيقظون فيه من سباتهم .
سألت